أنا كائن تسيل دماؤه مرّةً كلّ شهر. هنالك كائنات من «نوعي» تسيل دماؤهنّ أكثر من مرّة. سالت تلك الدماء حين بلغتُ العاشرة من عمري. بكيتُ يومها. لم أفهم ماهية هذا الجرح المفتوح—المغلق على نفسه. علمتُ بعدها أنّ جنساً آخر غير جنسي هذا، حلّل تزويجي في عمر كهذه. لأنّني «مجروحة». وقد حملت جرحي بكثير من الذنب والألم.
هنالك كائنات من جنسي، يبكين سرًّا في الحمّام، لأنّ عليهنّ حمل وجعهنّ بصمت، ووراء الأبواب. هنالك مَن تسيل دماؤهنّ بغزارة. يتحجّجن بألف حجّة ليدخلنَ الحمّام. لازم نغيّر الفوطة. كما علينا أن نخفيها جيّداً حين نرميها. عيب يبيّن شي منها.
كانت أمّي تشتري لي تلك الفوط. ثمّ تعلّمت أنّ ذلك من مهامّي أنا، حين استقلّيت مادياً. تلك الفوط صارت اليوم «رفاهية». ذاك الذي حلّل تزويجي، وحلّل اغتصابي الزوجي، وحلّل إعادة فتح جرحي، ارتأى بأنّ تلك الفوط رفاهية. لا مكان لها في سلّة المواد المدعومة من الحكومة التي منذ أن غطّت على حياتنا، وحياتنا جرح مفتوح على نفسه، لم يعد هنالك نوع من «الفوط» لم نستعمله لإيقاف السيل.
لا أحد يعلم كم سيبلغ بعد قليل سعر الـ10 فوط صحيّة (ولك ايه اسمها صحية!). لكنّ أغلب بنات جنسنا يشترين علبتين أو أكثر شهرياً. غير أنّ هذا الجرح الدامي غير مدعوم، وليس من أولويات أيّ حكم. أغلب الظنّ أنّه سقط سهواً، كما تسقط حقوق النساء في هذا البلد. حقّ تلو الآخر.
سقطت دماؤنا سهواً. سقطت أرحامنا سهواً، تلك الأرحام التي يتمّ تحديد «تاريخ صلاحيتنا» على أساس عمرها الدامي. عمري بدمائي، ثلاثون عاماً. أنا كائن «يبيض»، أي أنا كائن يُصنَّف تصنيفاً ذكورياً على أساس مبيضي. أنا نصف المجتمع. وأنا أبِيض. وأنا أربّي. وأنا أثور وأصرخ ويُملى عليّ ما أرتديه وما أتلفّظ به وما أكونه، وأنا أملك جرحاً مفتوحاً، لا أحد يبالي كيف أخفي آثاره. لأنّ ما «أعاني منه» رفاهية.
اصطفلي استعملي مناشف. الحليب والقمح أهمّ.
أنا الحليب والقمح يا جهلة. أنا وكلّ دمائي. وأنتم لستم سوى مجموعة أولاد تلعب «الطرّة والنقشة» بحقوقنا. أنا كائن تسيل دماؤه، كما سالت يوم خرجتم من رحم مجروح. ولدمائي حقّ. من عيونكم سأسحبه.