تعليق انفجار المرفأ
نادر فوز

التباس البيان الوزاري حول قضية 4 آب

19 شباط 2025

جملة واحدة في بيان وزاري

لم يأتِ ذكر قضيّة 4 آب إلّا بجملة مقتضبة في نصّ البيان الوزاري الجديد. من عنوان «استقلالية القضاء»، تابع معدّو المسوّدة ليؤكدوا على أنه لا بد من الإسراع في إجراء التعيينات والمناقلات والتشكيلات القضائية والحؤول دون منع أو تأخير عمل المحققين، وخاصةً في قضية انفجار مرفأ بيروت وقضايا الفساد المالي والمصرفي واستكمال التدقيق المحاسبي والجنائي. في هذا الإطار، يبدو موقف حكومة «الإصلاح والإنقاذ» برئاسة نوّاف سلام متخلّفاً ومتأخراً وأقلّ جرأة من موقف الحكومة السابقة برئاسة نجيب ميقاتي، والتي كانت قد أكّدت في بيانها الوزاري (وإن لفظياً) على حرصها على إستكمال كُل التحقيقات لتحديد أسباب هذه الكارثة وكشف الحقيقة كاملةً ومُعاقبة جميع المرتكبين. كما وتجرأت حتى على تناول موضوع «الحصانات والامتيازات» لتذليل كل العقبات التي تحول دون إحقاق العدالة. 


زيارات ملتبسة

تُرجِم هذا الخجل بالالتباس في زيارات الوزراء. فربّما كان من الطبيعي أن يبدأ وزراء الحكومة الجديدة اتصالاتهم ولقاءاتهم مع المسؤولين السياسيين والأمنيين وحتى الروحيين. لكن يجب التوقف عند أوّل اللقاءات التي عقدها وزير الداخلية الجديد أحمد الحجّار، حيث التقى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المتّهم بعرقلة تحقيق المرفأ برفضه تعميم مذكرة التوقيف الصادرة عن القاضي بيطار بحق الوزير السابق علي حسن خليل المدّعى عليه في الملف. كما التقى الوزير الحجّار أيضاً مفتي الجمهورية الذي تبنّى في عام 2021 خطّة الوزراء المدّعى عليهم للهروب من المحقق العدلي عبر المطالبة بإحالتهم إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. فحمى المفتي، بذلك، رئيسَ الحكومة الأسبق حسّان دياب ووزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق والوزراء الآخرين خليل ويوسف فنيانوس وغازي زعيتر. أمّا في المقلب الآخر، فقد تكون مواقف وزير العدل وتحركاته في مسار صحيح، إذ تعهّد بترك القضاء يقوم بواجباته وتأمين الظروف اللازمة لعمل المحقق العدلي. 
وبعيداً عن هذه اللقاءات التي غالباً ما تكون «فلكلورية» أو ضمن «المراسم المعنوية» للوزراء الجدد، غابت عن بيان الوزاري لحكومة نوّاف سلام أربعة عناوين أساسية وحاسمة بما يخصّ ملف 4 آب. وهذا ما يشكّل أوضح سقطة لها في هذا الملف. 


أوّلاً، الحصانات 

لم تورد حكومة «الإصلاح والإنقاذ» موضوع إسقاط الحصانات في ملف انفجار المرفأ، أو سواه. وهو ما لا يضمن مهمّة استكمال التحقيق وإصدار القرار الظنّي في الملف. فحتى الحكومة السابقة، برئاسة نجيب ميقاتي، تعهّدت العمل على تذليل العقبات أمام التحقيق وإجراء كل ما يلزم بشأن الحصانات والامتيازات. وهذه كانت الحكومة نفسها التي كرّست تعطيل التحقيق وعرقلت عمل القاضي بيطار وسمحت بالانقلاب عليه وتواطأت مع كل الهاربين من العدالة. 


ثانياً، التعاون مع التحقيق

 لم تتعهّد الحكومة الجديدة التعاون مع المحقّق العدلي، أيّاً كان، لإتمام التحقيق. والتعاون المقصود هنا هو إجراء كل ما يلزم لتنفيذ القرارات والمذكرات والمراسلات الصادرة عنه، داخلياً وخارجياً. وهذا ضروري لكون أيّ تواطؤ من قبل وزراء العدل أو المالية أو الداخلية أو الخارجية كفيلاً بعرقلة التحقيق أو تهديده أو النيل من زخمه، وهو ما سبق وحصل أساساً في الحكومتَين السابقتَين. 


ثالثاً، الإصلاحات

لم تذكر الحكومة الجديدة اقتراح قانون استقلالية القضاء ومشروعه والمناقشات القائمة في مجلس النواب حول هذا العنوان. فعنوان «استقلالية القضاء» في أغلب البيانات الوزارية للحكومات الأربع الأخيرة بقي شعاراً فضفاضاً. والأهم، في ما يخصّ ملف المرفأ، هو دعم الاقتراح المقدّم لمنع عرقلة التحقيق من خلال «التعسّف باستخدام الحق» عبر طلبات الردّ وغيرها من الإجراءات القضائية.


رابعاً، المحاسبة

لم تتبنَّ الحكومة الجديدة شعار المحاسبة في قضية 4 آب. والمحاسبة في هذا الملف لا تقتصر على المسؤولين عن وقوع الانفجار وتكديس نترات الأمونيوم وعدم صيانة العنبر أو عدم التنبّه والتنبيه من خطورة المواد أو الإهمال أو غيرها. بل بات شعار المحاسبة يضمّ أيضًا محاسبة معرقلي التحقيق، في الوزارات أو النيابات العامة أو الأجهزة الأمنية. 


كان مطلوباً من العهد الجديد وحكومته الأولى إصدار موقف واضح من الملف، وكان بالإمكان أن يتضمّن البيان الوزاري جملة واحدة: 
نريد خاتمةً لتحقيقات انفجار مرفأ بيروت، ونريد بدء المحاسبة وتحقيق العدالة في كلّ ما حصل، قبل الانفجار وبعده. 

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
غارات إسرائيلية على الحدود اللبنانية السوريّة 
تعليق

الاحتلال الإسرائيلي والابتزاز التطبيعي

زياد ماجد
متابعات جريمة الاغتصاب في سدي تيمان
انفجارات بـ3 حافلات بتلّ أبيب 
مخلّفات الاحتلال في حولا
20-02-2025
تقرير
مخلّفات الاحتلال في حولا
ألعابٌ وتسالٍ للأطفال
حدث اليوم - الخميس 20 شباط 2025
20-02-2025
أخبار
حدث اليوم - الخميس 20 شباط 2025