قضية الأسبوع دولة حزب الله
ميغافون ㅤ

كيف ترث خطأً؟ معضلة نعيم قاسم

2 تشرين الثاني 2024

أطلّ نعيم قاسم بخطابه الأول كأمين عام لحزب الله بعد عقود من كونه نائبًا لهذا المنصب، ليقدّم برنامجه ويؤكّد الاستمرارية. من النادر في السياسة اللبنانية أن نشهد تداولاً في المناصب القيادية في الأحزاب، يخرج عن الوراثة العائلية. ورغم تأكيده على الاستمرارية، فإنّ الوراثة تحمل دائمًا في طيّاتها إمكانية الخروج من الماضي. لكنّ نعيم قاسم لم «يرث» هذا الموقع بظروف طبيعية ولم يأتِ تعيينه بعد سلف «عادي». إلا أنّ معضلة الأمين العام ليست هنا، أو ليست هنا وحسب. فهو يرث «خطأً» استراتيجيًا، لا يستطيع الخروج منه ولا الاستمرار به. بهذا المعنى، ليس من أمين عام الآن، ليس من قرار سياسي يمثّله نعيم قاسم، بل مجرّد لحظة سياسية، ستفرض نفسها على الجميع.  


استمراريّة في الشكل

أطلّ نعيم قاسم، وخلفه صورة نصرالله. في الشكل، هذه استمرارية لمشروع المواجهة ذاته، استمرارية أخذت أكثر من ثلثي الكلمة المصوّرة. في البدء، كان الدفاع المطوّل عن جبهة الإسناد. فلا خروج عن هذا القرار، وإن بات هناك إجماع بأنّه شكّل خطأً استراتيجيًا. جبهة الإسناد ليست إلّا ذريعةً من وجهة نظر الأمين العام، ورغم ذلك، لم يخطئ الحزب بتقديم هذه الذريعة. هناك أيضاً التمسّك بإيران التي تدعمنا ولا تريد شيئاً منّا، رغم كلّ التساؤلات حول دورها وردودها المتواضعة على إسرائيل. ثمّ هناك انتظار الميدان، نحن ننتظر الالتحام، كما كان ينتظره الأمين العام السابق من قبله. أمّا هيكلية الحزب، فتتميّز هي الأخرى بالاستمرارية، لأنّ هذا الحزب مؤسّسة كبيرة مُتماسكة، أعدادها كثيرة، إمكاناتها كبيرة. في الشكل، ليس من جديد، وراثة مكتملة، لا يسودها أي تغيير، وإن كان طفيفاً. ولماذا التغيير، ما دام الأمر سينتهي، حسب نعيم قاسم، بالنصر الأكيد.


خلل في الخطاب

انقطع بثّ الخطاب للحظة. لم يكن هذا نتيجة عطل تقني وحسب، أو نتيجة هجوم سيبراني، بل ترجمة للخلل في منطق التكرار والاستمرارية. فمهما كان النصر أكيدًا، باتت أهداف المقاومة مغايرة عن زمن الانتصارات والردع. في ظل انكسار معادلة الردع، باتت المقاومة تحمي من الاستسلام، من الذلّ، من الانكسار، لكنّها لا تمنع التضحيات. وهدف المعركة لم يعد مساندة غزة أو ردع العدوان، وليس حتى إيلام العدوّ، بل إيلام العدوّ، والصمود والصبر. في هذه اللحظة، لم يعد هناك استمرارية، بل تراجع واضح عن وعود الماضي، تماشيًا مع الوضع الميداني. «النصر الأكيد» بدأ يأخذ شكلًا مختلفًا عمّا اعتدنا عليه في خطابات حزب الله. ورغم أهمية الميدان في الشكل، فإنّ نهاية هذه الحرب حسب الأمين العام في مكان آخر، بعيد، عند مركز العدوان وانتخاباته الرئاسية: الظاهر أنّ الانتخابات الأميركية مفصل. لأنّو بيجي رئيس بيصير قادر إنو ياخد خيارات معيّنة. ما بيضلّ فلتان نتنياهو متل ما بدّو. في هذا الخلل، تكمن معضلة نعيم قاسم، فهو في الآن نفسه وريث الاستمرارية والأمين العام المقبل على تنازلات. 


التحضير لمعركة الداخل

لكنّ عصب الخطاب، أو مصدر قلقه، ليس الخارج الذي يشكّل بالظاهر موضوع الكلمة، بل الداخل، هذا الداخل الذي لم يتوقّف حزب الله عن المكابرة عليه. وما حملات أبواق الحزب الإعلاميّة إلا دليل على التحضير لخلاف داخلي قد يلي نهاية الحرب الخارجية. لكنّ الأمين العام الجديد لم يتوجّه للداخل، أو على الأقلّ كان الداخل جمهور الحزب فقط، والذي بات يشعر أنّه ينقطع عنه. فأكّد نحن سنبقى مع بعض، سنتعاون مع بعض، سنعمّر مع بعض، سنرجع ونُطبّق الذي عملناه في 2006 في إعادة الإعمار إن شاء الله. الوعد الغامض بالإعمار ثمنه البقاء مع حزب الله، للتحضير للصراع الداخلي: حزب الله قويّ في المقاومة ببركة المجاهدين، وقويّ في الحضور السياسي الداخلي ببركتكم أنتم يا أهلنا. وهنا التأكيد أنّه مهما آلت إليه الأمور، لا مساومة في الداخل: واللي قاعد عم يربط إنّو بعدين شو بدنا نعمل؟ بدّك تربط على أساس سيكون الحزب بعد المعركة أقوى جوّاً وبرّاً. يعني مع المقاومة أقوى، وحيكون إن شاء الله بالسياسة أقوى. لمن يراهن على ما بعد الحرب، ستضطرّون إلى لعن إسرائيل وأميركا لأّهم كذّبوا عليكم بالتغيير.


في خطابه الأول كأمين عام، أكّد نعيم قاسم الاستمرار بمشروع سلفه، وإن كان هذا المشروع مأزومًا. فهو لا يملك الكثير من الخيارات، في لحظة باتت أكبر من حزب الله وأمينه العام. لكنّ الاستمرارية الخطيرة ليست تجاه الخارج، بل تجاه الداخل الذي ما زال في مخيلة قيادات حزب الله ساحة معركة، يجب تطويعها، حتى ولو على ركام حزبهم ومناطقهم والبلاد بأكملها.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
وزير الدفاع الإسرائيلي يزور جنود الاحتلال في جنوب لبنان
وليد جنبلاط في سوريا
جيش الاحتلال يحاصر مستشفى كمال عدوان ويهدّد بإخلائه
الاحتلال يجرف بساتين الليمون في الناقورة
سينما متروبوليس تعود
الجيش اللبناني تسلّم 3 مواقع عسكرية لمنظّمات فلسطينيّة دعمها الأسد