تعليق مصارف
نادر فوز

بسّام الشيخ حسين: دعوةٌ للذئاب المُنفردة

12 آب 2022

المصارف «كلاب مع التحفّظ التام على عبارة «كلاب» كما وردت في السياق كتعبير ذمّ.، كذّابين، عرصات»: خلاصة مشهد اقتحام بسّام الشيخ حسين لمصرف «فدرال بنك» واحتجازه الموظفين رهائن حتّى تحرير جزء من وديعته المصرفية. خلاصة معروفة، أعاد بسّام الشيخ حسين تذكير اللبنانيين بها بعد أشهرٍ من الخمول الفردي والعام. حقّق بسّام مبتغاه، ولو جزئياً، في استعادة 35 ألف دولار. لم يقدم أساساً على هذه الخطوة لرفع شعار سياسي أو التعبير عن موقف أو تسجيل نقاط. وليس في ذلك ذمّ ولا إنقاص من أهميّة عمله البطولي. فرديّاً خطّط، نفّذ، فاوض، وأُوقف. 

ليس مطلوباً منه أكثر من ذلك، وليس مطلوباً إلباسه أكبر من هذا الرداء. 


حنينٌ قديم متجدّد

أعاد بسّام الشيخ حسين، بفرديّته، توجيه البوصلة إلى المصارف والسارقين فيها، من دون أن يحمل هذا العبء الجماعي. لكن طبعاً، أيقظ حنيناً قديماً متجدّداً لمعركة مطلوبة مع الكلاب والكذابين والعرصات في البنوك. عودة إلى ما قبل عامين وإلى الاقتحامات الجماعية للمصارف والاحتجاج داخلها على سرقة الودائع، وإلى سلسلة الاقتحامات الفردية التي لحقت بها مع عدّة البنزين والبلطات للضغط على اللصوص. وقد عاد البعض أيضاً إلى عباس بيضون و«عَليِّنا»، وجملة الشعارات السياسية والاجتماعية في السبعينيات ونَفَسها الثوري المسلّح. 

كل هذا لا يعني بسّام الشيخ حسين، أو ربّما يعنيه، لكن ليس من أولويّاته. أراد ماله وحصل عليه، وهو بطل بحقّ نفسه أولاً. 


المقلب الآخر


في المقلب الآخر، جنود عهد وسلطة يسوّقون بابتذال شديد إلى أنّ كل «الفوضى» التي أحدثها بسّام الشيخ حسين هدفها التصويب سياسياً على العهد للتخريب على الأيام الأخيرة المتبقيّة فيه. وعادت النغمة القديمة التي ابتكرتها بعض أدوات السلطة في مواجهة الثورة، والتي دعت الانتفاضة والثورة في أن تكون في المكان «الصحّ»، أو على الأقل لتحويل «الحادثة» إلى فرصة من أجل الدفع في اتجاه تشكيل الحكومة وإقرار القوانين اللازمة من أجل تحصيل حقوق المواطنين، مع التخوّف من أن يصبح اقتحام المصارف نهجاً عاماً في البلاد يقوّض ما تبقّى من سلطة الدولة والمؤسسات. 


تغيير ونوّاب

تحوّل بسّام الشيخ حسين إلى مثال تغييري، لأنه فعلياً حقّق تغييراً وقلب معادلة. فهو، على الأقلّ، قدّم حلاً ولو فردياً- لكنه قابل للتعميم، عكس التجارب الأخرى المسيّسة والمنظّمة التي قُدّمت للبنانيين طوال السنوات الثلاث الماضية وخلال انتفاضة 17 تشرين. فنجح في تجربته الفردية، عكس أحزاب هذه الانتفاضة التي عجزت عن تنظيم حركة جماعية واحدة أتت بثمار سياسية أو حقوقية، وعكس مجموعات تحبّ الانزواء في قاعات صغيرة ومكاتب مصغّرة لوضع خطط ومعايير، وعكس تجربة نيابية، يقدّمها إلى الآن «نواب تغييريين» داخل البرلمان وخارجه، لم تخض معركة واحدة بعد من أجل الحقوق ومصالح الناس. 


ذئاب منفردة

في البوصلة التي أعاد بسّام الشيخ حسين توجيهها، وضوح للمعركة وعناوينها. من حيث لا يدري، أو ربّما العكس، وجّه دعوةً مفتوحةً إلى كل المودعين بالإقدام على الخطوة نفسها من أجل تحصيل حقوقهم. وربّما هي دعوة لجميع اللبنانيين، لتحصيل حقوقهم بأيديهم.

الوديعة في البنك: خذها منه.

الوزير قتل أخاك: عالجه بالمثل.

الزعيم احتلّ أرضك وشيّد مرفأ: احرق العمارة بأرضها.

المُحتكر يمنع عنك الدواء والطحين: اقتحم المستودع.

كأنّها دعوة لتحويلنا، كأفراد، إلى ذئاب منفردة تسعى وراء الحق والعدالة. دعوة مفتوحة، وخطرة، للخروج من القطعان والفصائل وتحصيل الحقوق، بفوضى عارمة قد تكون حلّاً فردياً يؤذي موضعياً.  

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
الاتحاد الأوروبي: قرار المحكمة الجنائية مُلزِم لكلّ دول الاتحاد
مقتل باحث إسرائيلي كان يبحث عن «أرض إسرائيل» في جنوب لبنان
قتيل بصواريخ حزب الله على نهاريا 
 أعنف هجوم إسرائيلي على الأراضي السورية أكثر من 68 قتيلاً في غارات تدمُر