قضية الأسبوع نظام الكراهية
ميغافون ㅤ

شادن الصادقة والمجتمع المنافق

20 تموز 2024

فيديو الوداع

نشرت شادن فيديو على حسابها الخاص على الانستغرام تعلن فيه أنّها لن تعود قريبًا إلى لبنان، بعد الحملة العنيفة التي طالتها وعائلتها على خلفية نكتة تمّ تسريبها على وسائل التواصل الاجتماعي. دافعت شادن عن الحق البديهي بالتنكيت، خاصة في «مجتمع منافق» كمجتمعنا، مجتمع يمزح وينكّت بالخاص، لكنّه يستنفر ويتزمّت وينهار بالعامّ. مجتمع يتشكّل القيّمون على أخلاقه وخشوعِ دينه رجالٌ مهووسون «بالاغتصاب»، يمزجون بين العنف والعنصرية والذكورية لكي يفرضوا نفاقهم على الجميع.

هذا هو المجتمع الذي قرّرت شادن عدم العودة إليه، لتكون صوت العديدين ممّن اختاروا المنفى الطوعي على عنف النفاق. 


ازدراء الأديان وسلاح «الاستياء الشعبي»

لم تكن الحملة الأخيرة التي طالت شادن تجربتَها الأولى مع القمع. لكنّها ربّما كانت الأعنف، خاصةً بعد أن اكتشف النظام الأخلاقي السائد سلاحًا جديدًا، سلاح «الاستياء الشعبي» وعنفه الخبيث.

كانت الحملة منظّمة لكي توحي بعفوية أهلية، تبرّر عنفًا متفلتًا بإسم استياء الأهالي. فبعد تسريب فيديو قديم يحتوي على نكتة طالت أموراً دينية من قبل صفحة مشبوهة، «وينيه الدولة»، تظاهرت الجموع عفويًا لتندّد بفعل لم تعرف أصلًا بوجوده. تظاهرات ومن ثم تهديدات موجّهة لشادن وعائلتها، قبل أن يستنفر الشيخ  حسن مرعب، صعلوك الأخلاق المنافقة والمفتش العام المساعد في دار الفتوى، لكي يعطي إشارة التصعيد، كونه الخبير في التجييش الطائفي والتزمّت الديني. بعد إخبار للنيابة العامة التمييزية ومن ثم دعوات قضائية، اكتملت مكوّنات الحملة التي تدمج بين أجهزة أمنية وشبكات من الأهالي الغاضبين وفق الطلب، وشيخ يريد الظهور الإعلامي، ونظام قضائي مهترئ. اكتشف نظام الأخلاق السائدة فعالية هذا السلاح، الذي كان قد استعمله قبل شادن على كوميدي آخر هو نور حجار، وقبلهما على مجتمع الميم-عين. وهو السلاح الذي يؤدّب كلّ مَن يخرج عن حدود المسموح، أكانت حدوداً سياسية أو ثقافية أو جنسية أو أخلاقية. 


هيدا البلد منّي راجعة عليه

عبّرت شادن في قرارها عدم العودة إلى البلد عن شعور العديد ممّن يقطن هنا، هذا الإحساس الدفين بأنّ هذه البلاد لا تريدنا، مهما ضاقت مساحتنا وحاولنا التماهي مع نفاق المجتمع. وشادن هي ممّن حاولوا أن يبقوا، «وصلت للنهائيات» كما تقول في رسالتها، لكن لماذا؟ «انهيار ووجع وخذلان»، هذه هي جائزة من ينتصر ويبقى هنا.

قد لا تكون شادن أول من اختار المنفى، فقد سبقها كثيرون، بعضهم للهروب من عنف مجتمع النفاق وآخرون من عنف الاقتصاد المنهار، والجميع لمجرّد الحصول على فرصة للعيش من دون ذلّ. فالاختلاف، مهما كان ضئيلًا، لم يعد مسموحًا في هذا المجتمع الذي قرّر طرد كلّ الدخلاء على طهارته العفنة. يريدون مجتمعًا بشعًا مثلهم، وهذا ما نجحوا بصناعته، مجتمع غاضب يطارد الضعيف أو الغريب أو المهمّش أو المختلف لعدم قدرته على محاسبة الزعيم أو القوى أو الحاكم.

قد يكون الخيار الأخير المتاح هو إمّا البقاء كرهائن هنا أو الرحيل. وقد نصل جميعًا يومًا ما إلى خلاصة شادن. لكن سنبقى ندافع عن حقّنا بالتنكيت، حتى ولو اعتبره البعض إزدراءً للدين، وعن حقنا بالاختلاف، حتى ولو استاءت الجموع، وعن حقنا باعتبار هذا المجتمع منافقاً وأخلاقه السائدة قاتلة.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
قوّات الاحتلال تستهدف مخيّم البداوي للّاجئين الفلسطينيّين
أكثر من 15 غارة على الضاحية الجنوبيّة لبيروت
2,011 شهيداً، 9,535 جريحاً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على لبنان 
بايدن عن قصف لبنان: لا جواب
حدث اليوم - الجمعة 4 تشرين الأول 2024
أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت