تعليق قراءات 2022
جوناثان داغر

عاجل جدًا

25 حزيران 2022

«عاجل جدًّا: منع تجمّعات تهدف إلى الترويج للشذوذ الجنسي»

لعلّها المرّة الأولى منذ استلامه وزارة الداخلية والبلديّات في بلدنا المنهار التي يشعر فيها بسّام المولوي بالعجلة. 

لم تستدعِ قلقه مشاهد تعذيب العمّال اللبنانيين والسوريين في العاقورة، ولا التهديدات المرفقة معها.
لم يعتبر أن ظاهرة قتل النساء من أنصار إلى بيروت وطرابلس «تنتج تأثيرات سلبية على الفرد والمجتمع». 
لم يهتمّ للجرائم الشنيعة المتتالية التي تطال العاملات المنزليّات يومًا بعد يوم وتمرّ دون عقاب.
ولا يزعجه أبدًا تدهور الأمن في البلد. فهو طمأن اللبنانيين من المطار منذ أيامٍ أن «عملّيات الخطف قليلة»، وكاد يذكّرنا أن لا داعي للهلع.  

هو لا يخاف التجّمعات.

 ففي تشرين الأول، حين حصل «تجمّع» صغير في الطّيونة مزيّن بالأر.بي.جيات، والقذائف بين الأحياء السكنيّة، بهدف تعطيل التحقيق بانفجار المرفأ، لم يفهم الوزير ذعر المواطنين. طلب التروّي من الإعلام. كرّر عبارة «السلم الأهلي» 12 مرّة، وأكّد للجميع أن من نظّموا التظاهرة كانوا قد تواصلوا معه وأكدوا له سلميتها. كانوا من «نخبة المجتمع»، بحسبه. 

 لم يستدعِ وقوع 6 ضحايا واندلاع حرب أهلية صغيرة قرار «عاجل جدًّا». فالوزير ليس متهوّراً، وبرودة الأعصاب ضرورية. هو لا يمنع التجمّعات «السلمية»، حتى ولو بالإسم فقط.  

وفي الحديث عن التحقيق في انفجار المرفأ، لم يشعر الوزير الحريص على سلامة المجتمع أن توقيف المتّهمين بالقتل الجماعي هو أولوية. يتجاهل مذكّرة توقيف أصدرها المحقّق العدلي منذ تشرين الماضي - وهي لا تزال سارية، بالمناسبة - ولا يعتبر تنفيذها موضوعاً يستدعي تعميم «عاجل جدًا».

توقيف المتّهمين بقتل 233 ضحية في انفجار قتل المدينة؟  غير عاجل. 
منع تجمّعات ثقافية وفنيّة وندوات ونقاشات عن مواضيع يتناولها المجتمع كلّ يوم؟ عاجل. عاجل جدًّا.

ولكن مشاعر الوزير وأولوياته مواضيع  ثانوية أمام خرقه الفادح للقانون والدستور . فالوزير القاضي بسّام المولوي يعلم أن «منع التجمعات»، بالجمع، بشكل عام، دون تحديد سبب منع التجمّع، هو مخالفة للدستور اللبناني- أو ما تبقّى منه- الذي يكرّس حقّ التجمع. 

وزير الداخلية ليس حاكمًا مطلقًا يعلّق الدساتير والقوانين بشطبة قلم. منع التجمعات يستدعي قرارات قضائية، أو أقلّه تبريراتٍ قانونية متعلقة بتهديدات للأمن والسلم الأهلي (مثل تجمّعات الأر.بي.جيات مثلًا). طبعًا، الوزير لا يكترث. فمن يحمي القتلة في جريمة 4 آب، وينفّذ أوامر السلطات الدينية، ويستدعي الصحافيين والناشطين والكوميديين لن يتردّد بالقمع.

 النظام يقتل الإختلاف ويقمع الحريّات ويحرّض ضدّ الأقليات والمثليين واللاجئين والعمّال والنساء كل يوم. لم يفاجئ تعدّي الوزير على القانون أحداً.
النظام يتلقّى أوامره من المراجع الدينيّة، منذ حملات وزير الداخلية الياس المرّ ضدّ «عبدة الشياطين» في التسعينات، إلى قمع حفل مشروع ليلى في جبيل خلال عهد الوزيرة ريّا الحسن في العام 2019، وصولًا إلى الكوارث المتتالية في عهد الوزير محمّد فهمي.

الخطورة في تعميم الوزير هي التصعيد اللغوي غير المسبوق على صعيد رسمي. فرغم التهديدات المتراكمة في الماضي، والقمع «من تحت لتحت» والترهيب، لم تتجرأ وزارة الداخلية يومًا على إصدار تعميمٍ تعسفي بهذا الوضوح. بهذه الوقاحة. 

لم يخجل الوزير من استعمال عبارة «الشذوذ الجنسي»، وهي شتيمة قديمة، بائدة، لا صلة لها بالعلم ولا وبالواقع. عبارة لم تُستخدم حتّى في بيان دار الفتوى. فالمفتي دريان نفسه أعلن أنّ دار الفتوى لن تشرّع «المثلية الجنسية».

القوانين اللبنانية بنفسها لا تستخدم العبارات هذه، بل تكتفي بتجريم «العلاقات الجنسيّة المخالفة للطبيعة»، لكن الوزير تخطّى القوانين. استخدم عباراتٍ مهينة. شتائم، أقلّ ما يقال عنها أنها تندرج في إطار «خطاب الكراهية» وتخالف كلّ الأعراف والأدبيات والمعاهدات الدولية. 

قراره باطل لأنه يخالف الدستور، وتحريضه مرفوض. هو وزير في حكومة تصريف أعمال ولا جدوى من المطالبة باستقالته، ولكنّنا نطالب باستقالة رئيسه، اليوم قبل الغد.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
صواريخ حزب الله تُصيب مصنعاً في الجليل
شهيد من الجيش اللبناني بقصف إسرائيلي على حاجز العامرية
إصابة مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية
إطلاق نار على السفارة الإسرائيلية في الأردن
العثور على جثّة الحاخام الإسرائيلي تسفي كوغان في الإمارات 
25 شهيداً في عدوان يوم الجمعة 22 تشرين الثاني 2024