تحليل مقاطعة / مشاركة
زياد ماجد

عن انتخاباتٍ لا مفرّ منها

25 شباط 2022

باتت الانتخابات شأناً يجاور يومياً في لبنان شؤون الانهيار ومسلسلاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتتالية. 

تُعِدّ لها القوى المشارِكة في السلطة، وعلى رأسها حزب الله، على أساس أنها مناسبة لحشد مشروعيّة شعبية تحصّن صلاحية ما تبقّى من مؤسسات الدولة وهيئاتها المسطو عليها وتوفّر للـسلاح الفارض هيمنته غطاءً برلمانياً لأربع سنوات مقبلة. 
وتُعِدّ لها القوى المعارِضة للسلطة، كما الأحزاب الخارجة مؤخّراً منها، بوصفها استفتاءً على حجم حضورها ومنطلقاً لخروقات سياسية يمكنها البناء عليها.


تقدُّم لقوى السلطة وتشكُّل لمعارضات داخل المجلس

وإذا كان كل تقدير دقيق لموازين القوى الانتخابية وفق القانون المعتمد وتقسيماته الإدارية وطائفيّة التمثيل فيه والسن الانتخابي المُستبعِد شريحةً واسعة من الناخبين المعارضين يرجّح تقدّماً لقوى السلطة في العديد من الدوائر الانتخابية، تعزّزه خبرة ماكيناتها الانتخابية وسيطرتها على معظم وسائل الإعلام المرئي وعلى مقدّرات مالية وخدماتية لا يُستهان بها رغم الظروف الاقتصادية الحالية، معطوفة على سلاحها في بعض المناطق، فإن تقدّم المعارضين والخارجين من السلطة في دوائر محدّدة ممكنٌ وضروري للتأثير لاحقاً في بعض جوانب ومسائل الحياة العامة في البلد.

بهذا المعنى، قد يتشكّل البرلمان الجديد على نحو يُظهّر طائفياً وسياسياً تراجع الحالة العونية أو تفكّك مركزيّة التمثيل السنّي التي جسّدتها الحريرية، بما يترك لمعارضين مستقلّين غير طائفيّين، من ناحية، ولكتل قواتية وكتائبية أو لمتناثرين عن تيار المستقبل، من ناحية ثانية، أن يحتلّوا مقاعد في البرلمان وأن يشكّلوا أجساماً بعضها جذريّ المعارضة لكامل القوى السياسية التي شاركت أو تعاقبت على الحكم، وبعضها معارض لحزب الله حصراً، وبعضها الأخير معارِض للمصارف والمرتبطين بها دون سواهم.


تشريعات وخطوط حمر

قد يتشكّل البرلمان إيّاه على أساس تجاذبات بين معسكرات تتقاطع تحالفاتها وتناقضاتها، من أطراف السلطة الحاليّين أو السابقين أو هامشيّي المشاركة فيها، ومن مستقلّين معارضين لا انسجام بالضرورة بينهم بل تفاهمات حدٍّ يتراوح بين الأدنى والأوسط.

ولعلّ في توازنات أحجام هؤلاء جميعاً وتقاطعاتهم، معارضاتٍ جذريةً وجزئيةً أو لاطائفية وطائفية، وفي إعادة تشكيل المشهد السلطوي وأوزان الأطراف فيه وحساباتهم، ما سيرسم معالم الإدارة الاقتصادية والخدماتية المستقبلية وما سيضع أسس بعض التشريعات أو الإجراءات التي لا تخرق خطوط حزب الله الحمراء. فتلك، من السلاح واستخدامه الى السطوة على الأجهزة الأمنية الرسمية الى الخطاب والتحالفات الإقليمية، ستبقى محكومة بأحوال المنطقة وبديناميّات الصراع أو التهدئة فيها وفق الأجندة الإيرانية.

وقد يكون للحماس الانتخابي السائد عند أغلب الفاعلين السياسيين رغم الانهيار العام في البلد، ورغم السقف المفروض عليهم، تفسيرُه في ما هو أبعد من تجربة المشاركة ذاتها وخوضِ تحدّياتها أو تعبئةِ القواعد وشدّ عصبها الطائفي والجهوي والعائلي وشحذ الهمم والعواطف والموارد المالية. فهم يدركون إقبالهم على مرحلة ستشهد الكثير من الهندسات السياسية والمالية ربطاً بالإفلاس الحالي. كما أنهم يعرفون أن مفاوضات جدّية مع مؤسسات دولية ودول مانحة أو دائنة ستفرض حكماً تغييرات يمكن الإفادة منها أو السيطرة عليها لدفع أو منع إصلاحات شكلية ونوعيّة. وهم فوق ذلك يدركون أن اختيار رئيس جمهورية جديد سيقع رسمياً على عاتقهم. وهذا كلّه يجعل الانتخابات مثار استقطاب وفرز وجمع ستستمر حتى يوم الاقتراع. وهو أيضاً يجعل البحث فيها عن كلّ إمكانية تحالف مبدئي وبرنامجي مشقّة ينبغي دون تردّد خوضها.


أمّا وقد تعذّر الأمر…

يبقى أن كاتب هذه السطور كان قبل أشهر يميل الى موقف المقاطعة الشاملة للانتخابات، شرط أن يرافق الأمر تنظيم تحرّكات شعبية واعتصامات ومبادرات سياسية لتشكيل هيئة تنسيق بين الأطراف المعارضة المتجانسة أو القادرة على التعاون في مواجهة السلطة وقواها ونزع كل مشروعية سياسية عن أجسام الدولة التي تحتلّها، وطرح قانون انتخاب بديل، قائم على النسبية في تقسيمات عادلة، ومحرّر من القيد الطائفي وتاركٍ حرّية الاختيار للناخبين بين مكانَي القيد والسكن... أمّا وقد تعذّر الأمر وبدا خارج الأولويات، فإن الدعوة لأوسع مشاركة لدعم مرشّحات ومرشّحين منبثقين من المجموعات السياسية الحديثة التشكيل والجذرية الخطاب، ومن تلك التي شاركت في الانتفاضة الشعبية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2019 واجبٌ، ومثله البحث في ما بعد الانتخابات ونتائجها لاستكمال ما بدأ عشيّتها وتطويره علّه يلد تحالفات وثقافات سياسية جديدة.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
3,583 شهيداً، 15,244 مصاباً
مختارات من الصحافة الإسرائيلية 21/11/2024
هكذا أصبح نتنياهو وغالانت مطلوبَيْن للعدالة
12 غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت
5 تُهم ضدّ نتنياهو وغالانت