قضية الأسبوع الانتخابات الأميركيّة
ميغافون ㅤ

الإبادة خارج المؤتمر

24 آب 2024

عودة الديموقراطيين

مع انتهاء مؤتمر الحزب الديموقراطي، يبدو أن رهان الحزب باستبدال مرشحه للرئاسة قد نجح. ففي سياسة المشهدية الأميركية، استطاع الديموقراطيون استعادة صدارة الصورة والخطاب، ومعها السباق الرئاسي. فبدا الحزب الديموقراطي، بعد بداية متعثرة للانتخابات، متماسكًا وراء ترشيح كمالا هاريس، وخطابه الداخلي أكثر راديكالية مما اعتدنا عليه في السنوات الماضية، وقادراً على استقطاب أجيال جديدة أو فئات أكثر راديكالية. في المقابل، بدأت حملة ترامب تتخبط ليخسر المرشح الجمهوري أي رصيد إضافيّ كان قد راكمه في الأسابيع الماضية مع محاولة اغتياله أو بفضل التلعثم الدوري لمنافسه السابق. 


الإبادة غير مرحّب بها في المؤتمر

ثمنُ إظهار هذا التماسك كان إسكات الأصوات المعارضة للإبادة في غزة، والتي حاولت بشتى الطرق التسلّل إلى المؤتمر. فمن المعروف أنّ إحدى نقاط ضعف هاريس موقعها بالإدارة الأميركية الحالية، والتي يعتبرها الكثيرون متواطئة مع الإبادة. حاولت هاريس في خطابها وضع مسافة بين موقفها كمرشحة وموقعها كنائبة للرئيس في الإدارة الحالية، فتعهّدت بأن يكون للفلسطينيين «الحق في تقرير المصير»، وإن كانت قد أكّدت وقوفها الدائم إلى جانب إسرائيل. لكن رغم هذا الخطاب، يبقى موضوع الإبادة سبب إحراج أو على الأقل نقطة ضعف لدى المرشحة الديموقراطية، كما تظهر بعض الإحصاءات التي تشير إلى عدم رضى لدى الناخبين الديموقراطيين، وخاصة العرب والمسلمين منهم، من سياسة الإدارة الحالية حيال حكومة نتنياهو والإبادة التي تقترفها. 

فكان الحلّ، بالنسبة لمنظّمي المؤتمر، باستبعاد أي إشارة إلى هذا الموضوع الشائك. فتجاهلت معظم الخطابات موضوع غزة، وقوبلت أي محاولة لمقاطعة المتحدثين من قبل معارضي الحرب بسخط وغضب الجمهور. فصورة بعض الديموقراطيين وهم يصمّون آذانهم لعدم سماع أسماء الضحايا، معبّرة عن موقف القاعدة الديموقراطية بتجاهل هذا الموضوع الذي يعكر صفاء المشهدية. فرغم استقبال أقارب الرهائن الإسرائيليين، رفض منظمو المؤتمر إعطاء الكلام لمتحدث فلسطيني. 


ثنائية الداخل والخارج

ما أظهره مؤتمر الحزب الديموقراطي هو ثنائية السياسة في الغرب. فرغم «التقدمية النسبية» للخطاب السياسي الداخلي، أكان على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو الجندري، يبدو أن هذه «التقدمية» لا تنسحب على الموضوع الخارجي، وكأنّ معايير السياسة الخارجية محكومة باعتبارات خارجة عن الاصطفافات الداخلية وخلافاتها. فكان موقف المؤتمر القامع لأي حديث عن غزة ناتجاً عن هذه الثنائية، وكأنه يقول إنّ الإبادة لا تعنينا، وما يجري خارج حدودنا لا يعنينا انتخابياً، ففي الخارج ما مِن فارق بين الجمهوريين والديموقراطيين، في الخارج نعود لكي نكون الإمبراطورية الأميركية. هذه الثنائية ليست محصورة بالسياسة الأميركية، بل قد تشكّل قاعدة في تاريخ اليسار الغربي الذي غالبًا ما زاوج بين تقدميّة في الداخل ومواقف أقل من تقدميّة في ما يخص باقي العالم. 


الخارج الذي بات داخلاً

لكنّ هذا الخارج لم يعد مضبوطًا خلف الحدود، مهما حاول منظّمو المؤتمر ادّعاء ذلك. فيمكن للمشاركين صمّ آذانهم، لكنّ هذا لن يلغي حقيقة أن موضوع الإبادة نجح في محاصرة المؤتمر وفرض نفسه على جدول الأعمال، وإن كان في شكل غيابه القسري. فالخارج بات يتحوّل إلى الداخل، كما أظهر حراك الجامعات في الولايات المتحدّة أو صعود الجاليات العربية والإسلامية وثقلها الانتخابي أو نجاح الرواية الفلسطينية في فرض ذاتها رغم سياسة الإسكات التي اتبعتها معظم المؤسسات الإعلامية الغربية. ربّما ستنجح هاريس في تجاوز توغّل هذا الخارج إلى الداخل والاستمرار بخطاب مزدوج. لكنّ هذا لن يلغي حقيقة أن الإبادة باتت موضوعًا داخليًا، لا مهرب منه، مهما صمّ البعض آذانهم. 

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
الكنيست الإسرائيلي يقرّ ترحيل عائلات منفّذي العمليّات لمدّة 20 عاماً
إسرائيل تدمّر مبنى المنشية الأثري في بعلبك
جماهير «باريس سان جيرمان»: الحريّة لفلسطين
مطار بيروت يعمل بشكل طبيعي
فكشن

الدني بتهزّ، ما بتوقاع

عمر ليزا