قضية الأسبوع الانتخابات الأميركيّة
ميغافون ㅤ

مسلسل الانتخابات الأميركية

27 تموز 2024

تقلّبات الانتخابات الأميركية

لم تنتهِ دراما الانتخابات التشريعية الفرنسية وتقلباتها، حتى تصدّرت الانتخابات الرئاسية الأميركية الشاشات، بدءاً من محاولة اغتيال دونالد ترامب، مرورًا باختياره نائبًا له دفع التطرف اليميني إلى أقصى حدوده، ووصولًا إلى انسحاب الرئيس الحالي من السباق، وذلك قبل أن تتحوّل نائبته كمالا هاريس إلى المرشحة المحتملة عن الحزب الديموقراطي. بأقل من شهر، شهدت هذه الانتخابات تقلّبات حوّلت هذا الاستحقاق إلى ما يشبه دراما تلفزيونية، جيشت العواطف وعمّقت الانقسام، وكسرت مع الملل الذي يرافق الانتخابات عادة. 

مع ترشيح كمالا هاريس المتوقع، يكون الحزب الديموقراطي قد نجح في الخروج من مأزقه مع بايدن وقدّم منافسة فعلية لترامب. امرأة، من أصول أفريقية وآسيوية، خريجة جامعة هاورد وكاليفورنيا، مدعية عامة سابقة، على يسار الحزب الديمقراطي (وإن كان هناك العديد من الانتقادات حول دورها كمدعية عامة)، تبدو هاريس وكأنّها نقيض ترامب وقادرة على خوض معركة في وجهه، تعبّر عن الانقسام السياسي الحالي في المجتمع الأميركي. 


الحملة على هاريس

ما أن أعلنت كمالا هاريس خوضها الانتخابات الرئاسية ضدّ ترامب، حتى اشتعلت حملةٌ عنصرية ميسوجينية ضدّها على وسائل التواصل الاجتماعي، بقيادة ترامب وجماهيره. ضرورة تفكيك هذه الحملة لا تهدف إلى تعزيز سياسات الهوية، بل هي أساسيّة لقراءة استراتيجية ترامب الانتخابية والسياسية، التي تشكّل الهوية في الواقع جزءاً مفصلياً منها. يتّهم جمهور اليمين الناخبين الديمقراطيين، وخصوصاً النساء والأجانب منهم، بدعم هاريس فقط لأنها امرأة سوداء. لكنّ ترامب أيضاً لم يكن ليربح في 2016، أو ليعود للسباق اليوم، لو لم يجذب ناخبين ببياضه وذكورته، لإعادة إحياء أميركا كما يتمنون. 

يحاول ترامب عبر تصريحاته وجمهوره أن يثبت أنَّ هاريس ليست أهلاً للرئاسة، فالرئاسي يجب أن يكون أبيض وذكراً، مثله ومثل مرشحه جاي دي فانس. يتّهم ترامب هاريس بأنّها أنقذت قتلة ومغتصبين وأهانت إسرائيل وخدعت الشعب الأميركي بشأن تدهور صحة بايدن، فهي إذاً كاذبة ولا يمكن الوثوق بها ولا تلائم منصب رئيسة الولايات المتحدة. يحاول ترامب وناخبوه إبطاء الزخم الذي صنعته هاريس، من ناخبين ومانحين، إذ ينشر مناصروه معلومات مضللة عن هاريس وميمات ومقاطع فيديو تستهزئ بشكلها وكلامها وطريقة ضحكها. يشكّكون بماضيها الجنسي، بأنّها بلا أولاد، وبكيفية وصولها إلى منصب النائب، وكأنَّ ذلك سلاح فتاك سيقضي على أهليّتها لترؤس أميركا بالتأكيد.


مظلومية ترامب الخطيرة

يعود ترامب إلى المعركة الرئاسية، محمولًا من مظلومية تدفع مشروعه نحو آفاق أكثر تطرفًا. تبدأ هذه المظلومية من اعتبار أنّه فاز بالانتخابات الأخيرة وسُرِقت منه، ما أدى إلى محاولة الإنقلاب في 6 كانون الثاني 2021. استكمل ترامب تلك المحاولة بهجومه على النظام القضائي على مدار السنوات، معممًا نظريات مؤامرة باتت في صلب خطاب جمهوره. وجاءت محاولة الاغتيال لتعمّق هذا الإحساس بالمظلومية، والذي يتماشى مع إحساس جمهوره الأبيض بمظلوميته، والتي عبّر عنها نائبه في كتابه «هيلبيلي إيليجي». يدفع هذا الإحساس بالمظلومية حملة الجمهوريين، لتصل مع بعض ممثليهم بالتهديد بحرب أهلية إن لم يفوز ترامب بالانتخابات القادمة. 

لكنّ هذه الشعوبية تخبئ عداء للديمقراطية، كالعادة مع التجارب الفاشية. فمعالم مشروع ترامب الرئاسي هي في تركيز السلطة بيد الرئيس مع إعادة هيكلة للنظام السياسي والقضائي لكي يصبح تحت سيطرة الحزب الجمهوري. وقد رسم «بروجيكت 2025»، الذي ساهم به عدد من المقربين السابقين من ترامب، معالم هذا المشروع الذي يمزج بين الرجعية في السياسات وتركيز القرارات بيد الرئيس، وكأنّ الحزب الجمهوري ينظر إلى هذه الانتخابات كفرصته الأخيرة لضبط إيقاع التغيير في بلاده. فخطر ترامب هو خطر الفاشية الصاعدة في كل أنحاء العالم، والتي باتت اليوم تشكّل الخطر الأكبر على الديموقراطية في هجومها المضاد على تحوّلات العقود الأخيرة. 


الانتخابات من زاوية فلسطين

تبقى نقطة التلاقي بين هاريس وترامب، رغم الاختلافات، بموقفهما المؤيّد لإسرائيل. لكنَّ الفارق الوحيد هو أنَّ هاريس قد تكون أكثر استعداداً للرضوخ لضغوط التيّار اليساري المؤيّد لفلسطين داخل الحزب الديمقراطي، بينما قد يكون ترامب أكثر استعداداً لدعم وتشجيع إسرائيل على توسيع رقعة الحرب. 

امتعضت إسرائيل ممثلةً بنتنياهو واليمين المتطرّف من تصريحات هاريس عن ضرورة إنهاء الحرب. ولم يُعجب الجانب الإسرائيلي «مبالغة» هاريس بالكارثة الإنسانية في غزّة. قبل تصريحاتها الأخيرة، عُرفت هاريس بلعب دور «الشرطي السيّئ» مع إسرائيل في إدارة بايدن، إذ اتّبعت نبرةً أكثر حدّة، وكانت المسؤولة الأولى في إدارة بايدن التي طالبت بوقف إطلاق النار في غزّة. رغم ذلك، تدافع هاريس عن أمن إسرائيل وحقّها في الدفاع عن نفسها، وتربطها علاقةٌ جيّدة بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، وتحظى بدعم عدد من المنظّمات الإسرائيلية في أميركا كأيباك.

لم تترأس هاريس جلسة الكونغرس التي دُعي إليها بنيامين نتنياهو، وسط مقاطعة قرابة نصف أعضاء الكونغرس للجلسة. كما قالت أنها «لن تصمت» عن الكارثة الإنسانية في غزّة. قد يكون ذلك بداية ابتعاد هاريس عن سياسة بايدن تجاه غزّة، لحشد المزيد من الدعم داخل الحزب والناخبين والمانحين، باعتبار أنَّ تمويل بايدن للإبادة كان سيكلّفه أصواتاً أساسيّة من المجتمعات المسلمة والعربية والمهاجرة. اللافت أيضاً أهو دعم الأصوات المؤيّدة لفلسطين داخل الكونغرس لهاريس، كالنائبة إلهان عمر وسمر لي وكوري بوش وجمال بومان، بينما عبّرت الفلسطينية الأميركية الوحيدة في الكونغرس رشيدة طليب عن استعدادها لمناقشة هاريس بمطالب القاعدة الديمقراطية في ميشيغان. رغم ذلك، لا يزال طريق هاريس نحو الرئاسة صعباً، خصوصاً إذا ما قرّرت الاحتفاظ بإرث «جينوسايد جو».

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
ناشطون إثيوبيّون: محمد بن زايد شريك في الإبادة
إصابة عناصر في اليونيفيل باستهداف سيّارة في صيدا
الكنيست الإسرائيلي يقرّ ترحيل عائلات منفّذي العمليّات لمدّة 20 عاماً
إسرائيل تدمّر مبنى المنشية الأثري في بعلبك
جماهير «باريس سان جيرمان»: الحريّة لفلسطين
مطار بيروت يعمل بشكل طبيعي