تعليق كهرباء
علي نور الدين

الثغرات الكبرى في خطّة الكهرباء

24 شباط 2022

ما زالت خطّة الكهرباء قيد البحث في مجلس الوزراء، بانتظار إقرارها نهائيًّا بعد إدخال التعديلات التي طلبتها اللجنة الوزرايّة المكلّفة بدراسة الخطّة. ومع ذلك، بات بالإمكان من خلال مناقشات اللجنة الكشف عن بعض ثغرات الخطّة التي طرحها وزير الطاقة، والتي تطرح أسئلة جديّة عن كيفيّة مقاربته لملف قطاع الكهرباء، وعن جديّة الوعود الإصلاحيّة في هذا القطاع. 

ببساطة، لا توحي هذه الثغرات أنّ ما وضعه الوزير هو خطّة تستهدف النهوض المستدام في هذا القطاع، بل يبدو أن حسابات السياسة والمصالح التاريخيّة في القطاع حرّكت أولويّات الوزير.


الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء

منذ العام 2002، نصّ قانون تنظيم القطاع على تشكيل الهيئة الناظمة التي يفترض أن تتولى مهام تخطيط وتنظيم ومراقبة مشاريع الكهرباء. أمّا الهدف الأساسي من هذه الهيئة، فكان خلق كيان ذات اختصاص تقني في هذا المجال، باستقلاليّة معتبرة وصلاحيّات موسّعة، لتحييد إدارة قطاع الكهرباء عن الحسابات السياسيّة الضيّقة والصفقات المرتبطة به. ومنذ ذلك الوقت، وطوال العشرين سنة الماضية، لم تشرع أي حكومة بتطبيق هذا الإجراء الإصلاحي بالرغم من أهميّته، فيما تعامل التيّار الوطني الحر منذ قدومه إلى وزارة الطاقة بريبة مع هذا الملف بالتحديد. 

ببساطة، لم تملك القوى السياسيّة، وعلى رأسها التيّار، المصلحة في تقليص نفوذها في القطاع عبر تأسيس هذه الهيئة، التي لم تدخل نص القانون إلا بضغط الشروط الإصلاحيّة لمؤتمر باريس 1.

في خطّة الكهرباء الحاليّة، عاد ذكر الهيئة الناظمة لمجرّد كونها أحد الشروط الإصلاحيّة المطلوبة من البنك الدولي، المرتبطة بالقرض الذي يحتاجه لبنان لتمويل مشروعي الغاز المصري والكهرباء الأردنيّة. لكنّ الخطّة حرصت على تأجيل تشكيل الهيئة حتّى نهاية 2023، في خطوة لا يمكن تفسيرها إلا بمحاولة «تنييم» هذا البند الإصلاحي الذي لن تملك المنظومة السياسيّة المصلحة في تنفيذه لاحقًا.


معمل سلعاتا… مجدّدًا

عاد معمل سلعاتا إلى الخطّة مجدّدًا، وهو العمل الذي تدور حوله شبهات لا تنتهي في ملف استملاكات المشروع، تحت عنوان «المعمل الثالث». المعمل الذي خاض لأجله التيّار الوطني الحر معارك لا تنتهي لدسّه في خطّة الكهرباء السابقة أيام حكومة حسان دياب، سيحمل في طيّاته كلفة إضافيّة، بالنظر إلى حاجة الدولة اللبنانيّة إلى ربط هذا المشروع الجديد بالشركة وإنشاء خطوط نقل جديدة من أجله.

تكمن الإشكاليّة الأساسيّة في وجود خيارات أقل كلفة، من قبيل إنشاء هذا المعمل في منطقة الزوق، بدل المعمل الحالي الذي سيتم تفكيكه لاحقًا لتقادم مولّداته. مع الإشارة إلى أن المعمل الجديد سيعمل على الغاز لا الفيول الثقيل، ما يجعله مصدرًا أنظف للطاقة وأقل ضررًا على محيطه السكني. 


المعامل المؤقّتة

عادت المعامل المؤقّتة إلى خطّة الكهرباء، من زاوية المعمل المؤقّت الذي تعتزم وزارة الطاقة إنشاءه في منطقة دير عمار لمدّة سنتين. تعيد هذه الفكرة شبح تجربة البواخر إلى أذهان قارئي الخطّة، من جهة التورّط في خيار مكلف لإنتاج الطاقة على أساس كونه حلاً مؤقّتاً، قبل أن يصبح جزءاً دائماً من شبكة توليد الكهرباء. مع الإشارة إلى أن هذا الخيار بالتحديد يفتح أبوابًا لا تنتهي من السمسرات والصفقات والعمولات، تمامًا كما جرى في تجربة البواخر.


التعرفة المتحرّكة

يفترض أن ترتفع التعرفة بحسب الخطّة بالتوازي مع زيادة الإنتاج إلى مستوى يتراوح بين 8 و10 ساعات سنة 2022، مع ربطها بسعر صرف الدولار في السوق. لكنّ هذه التعرفة غير مربوطة بكلفة المحروقات على مؤسسة كهرباء لبنان، ما يعني أن هذه الكلفة قد تنخفض إلى النصف مستقبلًا وفقًا لتحوّلات سوق النفط العالميّة، من دون أن تنخفض الكلفة على المستهلك. 


الإصلاحات العامّة في القطاع

لم تحتوِ الخطّة على أي خطوات ملموسة من ناحية الإصلاحات العامّة المطلوبة في القطاع: من كيفيّة حوكمة وتنظيم الشراكات مع القطاع الخاص، وضمان شفافيّة عمليّات التلزيم، وصولًا إلى مكافحة الهدر التقني وغير التقني في الشبكة. 

تفتح هذه الثغرات الباب أمام إقحام الخطّة في بازار الخلافات السياسيّة حول طريقة التلزيم لاحقًا، وكيفيّة إدارة القطاع، وتحديدًا في ظل غياب الهيئة الناظمة التي كان من الممكن أن تضطلع بهذا الدور بدل وزارة الطاقة ومجلس الوزراء. وبذلك، قد لا يكون مستقبل هذه الخطّة مختلفًا عن سابقاتها من خطط الكهرباء التي لم تدخل حيّز التنفيذ يومًا.

في كل الحالات، من الأكيد أن معرفة مستقبل هذا المسار مستحيل قبل مراجعة الخطّة بصيغتها النهائيّة، وبعد إقرارها في الحكومة. لكنّ كل ما سبق لا ينبئ بالكثير من الخير، من جهة طريقة تعامل السلطة السياسيّة مع هذا الملف.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
هكذا أصبح نتنياهو وغالانت مطلوبَيْن للعدالة
12 غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت
5 تُهم ضدّ نتنياهو وغالانت 
الاتحاد الأوروبي: قرار المحكمة الجنائية مُلزِم لكلّ دول الاتحاد