منذ البداية، كان الجميع يعرف أنّه غير مؤهَّل للعب الدور الذي يُراد له أن يلعبه. لذلك، ربّما، تمسّكوا به. دفعوه وشجّعوه. وهو كان جرحُه طريّاً، وأبواب قصور العالم تنفتح أمامه. وجد الجموع الحاشدة تهتف باسمه، وتصفّق لما يُكتَب له. أحبّ الفتى الدور. ووجد بتصرّفه ماكينات تولّت الترويج له. فتحوّلت قلّة الدراية عفويّةً، وقلّة المعرفة مصدر قوّة لاستدرار التعاطف والتأييد. ذرف أكثر من دمعة. وكسر البروتوكول أكثر من مرّة. لن تنسى الساحات يومَ شمّر عن ساعديه ليجسّد روح الشباب، وروح التحدّي، وروح التمدّن، ولمَ لا؟ روح الاعتدال.
وجد طائفةً مُنهَكةً بانتظاره كمخلّص. استخدم بعضها للوجاهة، وبعضها الآخر جيش احتياط. أراد بلغته المتعثّرة أن يطلق وعوداً ربيعيّة قديمة. وبالغ في التعبير عن حبّ لبنان الذي لا يعرفه. وُضع في فمه كلامٌ كبير لم يُحسن تهجئته في معظم الأحيان. فلم تسعفه لغته على قراءة البيانات، ولم يساعده ضيق أفقه على فهم تعقيدات الصراعات. قسّم العالم إلى طيّبين وأشرار. ووضع نفسه وصحبَه في صفّ الطيّبين ووضع الخصوم في الضفّة الأخرى، ولم يفهم كيف يتبدّل العالم ويتكاثر الأشرار من حوله.
تلقّى الكفّ الأوّل. حُوصِر وأُهِين. لكن، بعد ذلك، لم يعد بحاجةٍ لخصوم. الأصدقاء هم الذين حملوه على النوم في سرير أعدائه، والحلفاء هم الذين تكفّلوا بإبعاده. عاد الفتى إلى أهوائه الأولى. سهرة في جزيرة نائية مع أثرياء العالم، وشركة تنتقي لهم العارضات من كلّ صوب، و16 مليون دولار هديّة. حدث ذلك في العام 2013. في العام نفسه، كان خصومه يحشدون مئات من الشباب اللبنانيين للذهاب إلى الحرب. وحين عادوا، وزّعوا البقلاوة على الجميع. لقد عرفوا أنّ زمن العارضات قد انتهى. من الآن فصاعداً، لن يكون هناك إلا عرضٌ واحد. عرضٌ دمويٌّ بشع لن يجد من يعترض عليه.
قيل إنّه خُطف، وقيل إنّه ضُرب. لا أحد يعرف ما جرى. لكنّ ما نعرفه أنّ أولياء الأمر هم الذين تولّوا إذلاله، ولم يبدُ صالحاً حتّى لمسرحيّة من هذا النوع. منذ ذلك الحين، لم يعد هو نفسه. بات شبح صورته التي صدّقها ذات يوم. شبحٌ لا يتمسّك به إلا أعداؤه ليطردوا به كوابيسهم الأخرى. لم يكن الشبح يحتاج إلى فضيحة. الشبح هو فضيحة نفسه.