تعليق رفع الدعم
علي نور الدين

ارفعوا الدعم… عن رياض سلامة

12 آب 2021

قرّر حاكم مصرفنا المركزي بالأمس أنها اللحظة المناسبة لرفع الدعم عن استيراد المحروقات.

في الأساس، هو لم يكن دعماً بالمعنى الحرفي للكلمة، أي لم يكن آلية تدفع بموجبها الحكومة جزءًا من كلفة الاستيراد من ميزانيّتها. ما كنّا نمرّ به ليس سوى شكل من أشكال تعدّد أسعار الصرف الذي ينتج في العادة عن الانهيارات النقديّة والماليّة القاسية، وعن تشوّه ميزانيّات النظام المالي وتضخّم فجواته.


الإشارة إلى هذه النقطة ليست مسألة عابرة. البلاد لم تكن تعتاش على حساب مصرف لبنان واحتياطاته، على النحو الذي حاول الحاكم من خلاله تمنين العباد في عدّة محطات. ما كنا نمر به ليس سوى ثمن إجراءات واضحة الخلفيّات:

  • ثمّة من ملأ ميزانيات القطاع المالي بالفجوات والخسائر منذ ما قبل 2019، بحجّة الحفاظ على ثبات سعر الصرف وتمويل الاستيراد. وفي الوقت نفسه، كانت تجري الهندسات التي أفرطت في دفع الأرباح لكبار القوم من النافذين في النظامين المصرفي والسياسي. وفي الوقت نفسه، كانت تذهب الدولارات فعليّاً لتمويل تحويل هذه الأرباح للخارج.
  • ثمّة من قرر بعد 2019 الحفاظ على آليّة تعدّد أسعار الصرف لأكثر من سنة وتسعة أشهر. مع مسبق علمه أن هذه الآليّة لم تنتج سوى الانفاق العبثي من الاحتياطات دون أي رؤية واضحة للتصحيح المالي، ودون أي خطة لتوحيد أسعار الصرف بعد معالجة خسائر النظام المالي واستعادة قدرته على جذب التحويلات.
  • ثمّة من قرر اليوم الخروج من حقبة تعدّد أسعار الصرف، بشكل عبثي ودون أي إجراءات تمهيديّة، وإحالة الطلب على دولارات استيراد المحروقات إلى السوق السوداء. مع مسبق علم الجميع أن خطوة كهذه ستُلهب سعر الصرف في السوق السوداء، وستضاعف أسعار المحروقات في أصعب مراحل الأزمة الاقتصاديّة، خصوصاً وأنّ هذه الخطوة لم تتوازَ مع أي رؤية كاملة للتصحيح المالي والنقدي.

في كل هذه المراحل، كان رياض سلامة يتاجر:

  • بادل السياسيين والمصرفيين أرباح الهندسات والاستقرار الذي يؤمّنه ثبات سعر الصرف قبل 2019.
  • ثمّ بادل المافيات المحسوبة على أحزاب السلطة بعد 2019 اعتمادات دعم الاستيراد التي ذهبت لتمويل ما يتم بيعه في السوق السوداء أو تهريبه إلى ما وراء الحدود.
  • واليوم، ثمة من يرى أن رفع الدعم عن الاستيراد ليس سوى رسالة حسن نيّة يقدمها سلامة لميقاتي، عبر تفجير جميع الألغام المؤلمة قبل وصول ميقاتي إلى رئاسة الحكومة، ليتفرّغ بعدها ميقاتي للمعالجات المقبولة شعبياً «على بياض».

وكان الغطاء الممنوح لسلامة في هذه المقايضة واضحاً،

مِن كلّ مَن كان يتحدّث عن ضرورة إنهاء الدعم بصيغته السابقة بقرارات جريئة، بحجّة الحفاظ على ما تبقى من أموال المودعين، دون أن يتوازى هذا الكلام مع الحديث عن كيفيّة الخروج من مرحلة تعدّد أسعار الصرف. ولعلّ تفادي الحديث عن الكيفيّة، مرتبط بمصالح المصرفيين التي لم تتناسب مع فكرة خطة التصحيح المالي الشاملة، التي لا يمكن أن تتمّ دون المرور بمعالجة الخسائر على حساب رساميلهم.


في الوقت الراهن، ثمة ما يكفي من مؤشّرات للدلالة بأن أولويّة سلامة باتت اليوم للحفاظ على موقعه وما يؤمنه هذا الموقع من حصانات قانونيّة وسياسيّة في وجه التحقيقات التي تستهدفه في عدة دول. كل ما يقوم به الرجل اليوم لا ينفصل عن سعيه لحفظ رأسه في هذه المرحلة، وهو ما يبرّر قراره الأخير قبيل تشكيل حكومة ميقاتي، وبالتوازي مع الأجواء الإيجابيّة التي تحدّثت عن قرب تشكيل الحكومة.

هذا بالتحديد ما سيحصل حين يكون حاكم مصرفك المركزي ملاحقاً بتهم الفساد في سبع دول على الأقلّ.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
فيدان والشرع عن قسد: لا مكان للسلاح خارج الدولة
تخطيط قيمة حياة فتاة عشرينيّة مقيمة في بدارو
وزير الدفاع الإسرائيلي يزور جنود الاحتلال في جنوب لبنان
وليد جنبلاط في سوريا
جيش الاحتلال يحاصر مستشفى كمال عدوان ويهدّد بإخلائه
الاحتلال يجرف بساتين الليمون في الناقورة