تعليق تمويل / دعاية / رشوة
نادر فوز

الجبران يحبّ «البريوش» مع بوظة حليب

10 أيار 2022

ليس جبران، بل الجبران. ليس باسيل، بل الباسيل. اسم كهذا لا بدّ وأن يحمل «أل» التعريف. عند ذكر اسم جبران، ليس ضرورياً تحديد الشهرة، والعكس مع الأخيرة. جبران، مثل كيم أو الأسد، فخامة الاسم وحدها تكفي. والشبه كبير مع الآخرَين، تحديداً على مستوى الدعاية والإعلان. هو بطل القصة المصوّرة «حلم وطن» التي أنتجتها وزارة الطاقة عام 2013 وتجري أحداثها في أيار 2020 منبئةً بإنجازات الباسيل في مجالات النفط والكهرباء والمياه والنقل. 

لكنّ الأحداث الفعلية لأيار 2020 غيّرت كلّ هذا المضمون الخيالي طبعاً. 


«البترون بعيوني»: من حلم كبير إلى آخر ضيّق

عام 2013، وعد الجبران اللبنانيّين بحلم الطاقة والسدود والكهرباء والمترو والكثير غيرها من المشاريع. ومذّاك الحين، وعد نفسه برئاسة وقصر رئاسي. أزمته الكبرى أنّ 17 تشرين جاءت لتدمّر هذا الطموح الفردي الجامح لا ببناء بلد أو مؤسسات، بل ببناء زعامة. زعامة كان طموحها الرئاسة ووصلت إلى حضيض بناء زعامة محلية في البترون، أسوةً بزعامات أخرى تمّ فرضها بقوة السلاح. «البترون بعيوني» تنقل الجبران من حلمه الكبير إلى حلمه الأضيق الذي كان حتى كبيراً عليه من دون قانون انتخابي فُصّل على قياسه عند خيّاطي الزعامات بين كليمنصو وعين التينة.


«البترون بعيوني»: الجبران يلعب على أرضه وبين جمهوره

جال الجبران بفريق الوثائقيّ المفترض. قاد السيارة، حرّك المُخرج، صوّب الكاميرات واستمتع برفقة محاورته التي لعبت دور المتفرّج أغلب «الفيلم» القصير. سناء نصر، من لعب اللوتو إلى اللعب على أرض باسيل، قبل انتخابات نيابية وصمت انتخابي مفترض. 30 دقيقة من التصوير والكلام والإنجازات الجمّة التي قادها الجبران، فكانت هذه التحفة الوثائقية التي من خلاصاتها أنّ الرجل لا يطلب أصواتاً ولا دعماً. كانت خاتمة بمؤثرات خاصة شفتي ليش البترون بعيوني؟ الجبران يلعب على أرضه وبين جمهوره، لكن طيلة التقرير الطويل، لم نلحظ وجود سوى القليل من البشر. الجمهور غائب إلا في لحظات استثنائية، وفريق الحماية والمرافقة حاضر في «الكادر» على الدوام. الجبران يلعب على أرض بلا جمهور. 


«البترون بعيوني»": الجبران يخلط بين الـ«أنا» والـ«نحن» 

استعرض الجبران طوال 30 دقيقة المشاريع التي تمّ إنجازها في قضاء البترون. لا يحدّد مهلاً زمنية لكل تلك المشاريع ولا ظروف العمل فيها، فقط إنجازات. من قام بها؟ 

نحن 

عملنا 

بلّشنا 

حبّينا 

وصّلنا 

نظّفنا 

رمّمنا 

بلّطنا 

نحن، الجبران وحده؟ 
نحن، التيار الوطني الحرّ وكتله الوزارية والنيابية؟ 
نحن، بلديات المنطقة؟ 
نحن، المستثمرون؟ 
نحن، العهد القوي؟ 
من نحن؟ لا نعرف. 

لكن ما نعرفه أنّ الجبران قال إنه تمّ الحصول على هبات وقروض جمّة، من البنك الدولي من السيدة ليلى الصلح حمادة، من السفير القطري. وكلّ هذا لدعم هذه المشاريع وإنماء المنطقة. حتى يتمكّن من سماع خرير المياه تحت درب المسيلحة. في «وثائقي» جبران، «نحن» ضائعة لا تدلّ على مجموعة، بل على «أنا» متضخّمة.


«البترون بعيوني»: الجبران يحمّل 17 تشرين مسؤوليّة إفشال المشاريع

في سبع مناسبات، خلال 30 دقيقة فقط، حمّل الجبران «17 تشرين» مسؤولية توقيف وإفشال المشاريع الإنمائية في قضاء البترون. منعت «17 تشرين» استكمال طريق تنورين التحتا- تنورين الفوقا، تنورين الفوقا- اللقلوق، طريق القديسين، سد بلعا، سوق دوما، وغيرها. معركة الجبران باتت نقيّة وواضحة المعالم، ضد «17 تشرين». لم يحمّل حلفاءه في السلطة مسؤولية عرقلة المشاريع، بل «17 تشرين»، أي انتفاضة الناس على الأزمات والانهيارات والفساد وسوء إدارة السلطة والمال العام والمؤسسات. ولدى تكرار هذه الاتهامات سبع مرّات، يصبح من الواضح أنّ مشكلة الجبران ليست مع الطبقة الحاكمة طبعاً، لكن مع الناس وحقوقهم ومطالبهم. الجبران يذمّ الناس وانتفاضتهم. 


«البترون بعيوني»: الجبران يحبّ «البريوش» مع بوظة حليب 

لم يرِد كوكو في مشاريع الجبران التطويرية لقلب مدينة البترون. فتمّ حذف الخبّاز وصانع الحلوى من الخرائط المدينية على حساب ترميم المباني القديمة ووضع اليد عليها واحتكار السوق وتجميله وإبعاد الناس العاديين عنه. يزور الجبران المحل الصغير ويتحدّث عن «البريوش» التي يصنعها كوكو، ويصطفّ البترونيون والبترونيات للحصول عليها. كان الجبران، قبل أن تتّصل أل التعريف باسمه، يحضر بريوش كوكو ويذهب إلى بائع بوظة لوضع «غَرْفة» بوظة حليب عليها. لكن طبعاً مشاريع الجبران حرمت أهالي البترون من هذا المذاق بعد أن سطا على قلب المدينة وعمل على «تطويره». 


«البترون بعيوني»: الجبران لم يأتِ على ذكر الليموناضة 

الليموناضة كانت شعار حملة أدّى إلى خسارته دورتين انتخابيّتين في البترون. الليموناضة استهلكها الجبران وصنع منها أكبر كوب عصير في العالم أدخل المدينة إلى كتاب غينيس بحضور السفير الإيراني. الليموناضة ولّد الجبران منها الطاقة عام 2012. والليموناضة صناعة بترونية بلدية، أما الجبران فيبحث عن المنتج العالمي القابل للاستثمار والبيع والشراء. 

هل من يذكر طانيوس عويجان؟ بالتأكيد، لكن لا مساحة للراحل في قلب البترون أساساً.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
هكذا أصبح نتنياهو وغالانت مطلوبَيْن للعدالة
12 غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت
5 تُهم ضدّ نتنياهو وغالانت 
الاتحاد الأوروبي: قرار المحكمة الجنائية مُلزِم لكلّ دول الاتحاد