طلّ أمين عام حزب الله حسن نصرالله، أمس الأربعاء، ليُقدّم خريطة طريق جديدة للأزمة الاقتصادية اللبنانية من خلال طرح مُعادلة قائمة على حصول لبنان على حقوقه النفطية أو الذهاب إلى حرب مع إسرائيل. وسّع نصرالله مفهوم الحقوق النفطية لتشمل المطالبة بالسماح للشركات الأجنبية باستخراج الغاز، والذي اعتبرها نصرالله طريق الإنقاذ الوحيدة للبنان والوطن وكيان الدولة المهددة بالانهيار، معتبراً أنه إذا كان الخيار أن لا يُساعَد لبنان ويُدفع باتجاه الجوع، فالحرب أشرف بكثير.
وصفة نصرالله
بعدما استنزف نصرالله كل الحلول السحرية للأزمة الاقتصادية، لم يبقَ له سوى الغاز والنفط كيّ يقدّمه كحلٍ لأزمة لبنان المزمنة. فحوّل قضية الحدود البحرية إلى الحل الوحيد للأزمة، بعدما أسقط شعارات مكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة وغيرها من الخيارات التي تُحمّل الطبقة السياسية مسؤولية الأوضاع التي وصلت إليها البلاد. كما اعتبر نصرالله أن تقديم المساعدات للبنان أمرٌ يجب أن يكون طبيعياً، ما قد يجنّبنا شرّ الذهاب إلى حرب، متناسيًا أنّ لبنان اعتاد منذ انتهاء الحرب الأهلية الاتّكال على مؤتمرات دولية داعمة لاقتصاده، والتي لم تُسفر سوى عن المزيد من الديون دون وجود أي رؤية أو خطة اقتصادية لكيفية سدادها.
الغاز والمساعدات، آخر مصادر العملة في اقتصادٍ مفلس.
عائقان أمام أي حل
لكنّ بصرف النظر عن مصدر الأموال التي قد تأتي إلى لبنان، سواء عن طريق استخراج الغاز أو عن طريق جلب المساعدات، ثمّة عاملان يحولان دون قدرة البلاد على الاستفادة من تلك الأموال بشكل جدي وطويل الأمد.
العامل الأول يتمثّل في أن الأزمة الاقتصادية نابعة بشكل أساسي من سوء الإدارة الذي انتهجته السلطة الحاكمة على مدى ثلاثين عاماً، وأدّى إلى فشلٍ في مختلف المستويات وفي جميع القطاعات. وهذا يعني أن وصول أي أموال إضافية الى نفس الإدارة الحالية التي تمكنت من إعادة إنتاج نفسها في الانتخابات الأخيرة، سيؤدي مجدداً إلى تبديد الأموال في مزاريب الفساد والمحاصصة.
أما العامل الثاني، فيتعلّق بالنظام الاقتصادي الريعي القائم في لبنان والذي يمنع أي إمكانية للنهوض والنمو. وبالتالي فإنَّ ضخ أموال جديدة في النظام الحالي دون إجراء تعديلات بنيوية لن يكون سوى جرعة أوكسيجين جديدة سينتهي مفعولها مع أوّل انتكاسة أو تراجع في الإيرادات.
فحلول نصرالله الأخيرة لا تختلف في منطقها عن سائر الطروحات التي قدّمتها السلطة، من الصندوق السيادي إلى صندوق التعافي وتوزيع الخسائر، والتي تهدف في آخر المطاف إلى إنعاش النظام الاقتصادي الحالي، بدل الذهاب نحو تحديد آخر لهوية لبنان الاقتصادية ووظيفته.
الهروب من المسؤولية
هكذا، يصبح الحديث عن الحصول على حقوق لبنان النفطية نوعًا من الهروب من تحديد مكمن الأزمة الفعلي. فحزب الله، الذي قرّر عشية 17 تشرين الأوّل 2019، أن يلعب دور حامي المنظومة لن يقوى على الحديث عن تلك الأسباب، ويفضّل تكرار سرديته حول الأسباب الخارجية للأزمة ودور إسرائيل والخارج في منع لبنان من الحصول على حقوقه النفطية لتبرير الواقع الذي نعيش فيه. خيار الحرب أهون من تحمّل المسؤولية.