يوميات
سلسلة
مختبر الثورة
زكريا جابر

التنمّر الديموقراطي: أرجوكم صوِّتوا، وإلّا

30 تشرين الثاني 2021

تشرشحنا عالتلفزيونات… أنا بس بدي إلفت النظر بشي، منا قاعدين بالقاعة لحالنا، لبنان كله عم يتفرج علينا، وجميع السفراء والمعتمدين في لبنان بالسلك الديبلوماسي القائمين، هيدا الأمر ليس موضوع فخر أو إستفزاز أو مزح، إذا بتريدوا!

—
نبيه برّي (رئيس مجلس النوّاب الممدّد لنفسه غير شرعياً عام 2016، متوجّهاً للنوّاب الممدِّدين لأنفسهم خلال جلسة انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية)

2013

في صيف 2013، قام المجلس النيابي المنتخب شرعياً بالتمديد لنفسه لمدّة زمنية طالت 17 شهراً. تمّت مواجهة هذا القرار بالتظاهر المتواضع، قام به بضع مئات من الشابات والشبّان والناشطين المدنيين الذين قطعوا طريق رياض الصلح بالخيَم واستخدموا جميع الوسائل السلميّة للتعبير، ومن بينها الاتّصال بالنوّاب ووضع الهواتف الجوّالة على مكبّرات الصوت لمطالبتهم بالاستقالة. وبعد هذا التمديد، تأسّست مجموعات وتيارات مدنية ويسارية لمواجهة تلك الطبقة الحاكمة. لم تعد الأحزاب وأيقوناتها وتاريخها هي المشكلة، بل أصبح المجلس غير الشرعي هو العدوّ بجميع رموزه.


2016

ثلاث سنوات مرّت كالماء المتدفّقة في المجارير، حتى طاف المجرور في 2016، وقام هذا المجلس غير الشرعي بانتخاب ميشال عون رئيساً… ما زلنا نطوف وما زلنا نسبح كالجرذان منذ ذاك اليوم الأسود، حين صحّح نبيه برّي لميشال عون خطأه في القسم:

عون: أحلف باسم الله العظيم…
برّي: أحلف بالله العظيم! 
يشير نبيه برّي إلى الورقة مساعداً رئيس الجمهورية الجديد في قسمه. 

كانت تلك المرّة الأخيرة التي «يُعلِّم» فيها نبيه برّي على ميشال عون. بعد هذا اليوم، لم يعد ميشال عون عبئاً على برّي، بل أصبح صهره جبران باسيل هو الوجه الجديد الذي سيتعارك معه رئيس مجلس النواب الممدّد له.

صفّق آنذاك الجمهور الدولي، المكوّن من سفراء ومستشارين دوليين وأمنيين، من البلكون الأعلى للمجلس النيابي، مُراقبين عملية الإنتخاب و«سلاستها». صفّق العالم كله للـ«لا شرعية» في هذا اليوم. 

شعرت يومها بأنّ العالم بأكمله يتحمل مسؤولية الدهس على رقابنا.


2018

بعد سنتين من انتخاب ميشال عون، جرت الإنتخابات النيابية. كانت حينها البلاد في حالة انتقالية. فمنذ ذاك الحين، بدأت ترتفع نسبة الهجرة والبطالة بشكلٍ واضح. بات واضحاً أيضًا أن «العهد القوي» كان هشّاً لولا تحالفاته التي جعلت من التيار الوطني الحرّ أكبر كتلة نيابية في البرلمان المنتخب شرعياً من جديد. 

حتى أنا، سافرت وتركت البلاد. كنّا مجموعة غير صغيرة «تحمل حالها» وترحل إلى تركيا، كونها كانت أرخص وأفضل إن «دبّرنا» مبلغاً محترماً لنعيش بـ«رواق». كل هذا قبل أن يقوم الرئيس القوي بالطلب منّا أن «نهاجر» بحال لم نجد بعض «الأوادم» في دولتنا، في مقابلته الشهيرة بعد 3 سنوات على تعيينه حاكماً لمزبلة لبنان التوافقية. 


2019

أثناء المقابلة، كنّا لا نكترث لما يقوله، وكنّا نسعى لأن نقوم بحرق الإطارات على جسر الرينغ حتى لو قام بتقديم استقالته المستحيلة. خارج المقابلة، كنّا نشهد أكبر انتفاضة شعبية في تاريخ لبنان الحديث، انتفاضة كسرت ظهر البعير الاقتصادي. 

حينها بدأ النقاش حول «انتخابات 2022».



2022؟

بعد سنة من الانتخابات، بدأ الحديث الجدّي حول هذه الانتخابات.

إذا كان هناك إرث أريد أن أتركه، كوزيرة الداخلية والبلديات، فهو محاولة إدخال الكوتا النسائية سواءً في قانون الانتخابات النيابية أو البلدية.

—وزيرة الداخلية والبلديات ريّا حفّار الحسن، خلال مؤتمر «الانتخابات النيابية 2022: الإصلاحات الانتخابية والمساواة بين الجنسين» (23 أيار 2019). 

لا كوتا ولا امرأة ولا بلديّات ولا حاجات عادية. 

لم تنجح ريّا الحسن بأن تترك شيئاً خلفها سوى محمد فهمي وزير الداخلية «الأسوأ» في تلك المرحلة المليئة بـ«اللعَيان» الذكوري عند هذا القاتل المقزز الذي غفر له ميشال عون أفعاله بقتل شخصين على حاجز خلال الحرب الأهلية… الأبله الذي طلب منّا أن لا نطلب الأكل وننتظر «نساء منازلنا» لكي يطبخن لنا في الحجر الصحي… الوزير الذي قال إنّه خلال خمسة أيام سيتمكّن من تحقيق العدالة في قضية تفجير مرفأ بيروت. هو وعون لم يرفع أحد منهما الغطاء عن المتورّطين ولم يساعدا التحقيق.

رحل فهمي وسيرحل عون يومًا ما، وسيبقى الواقع أن «الديموقراطية التوافقية اللبنانية» هي من وضعتْهم في تلك السلطة، كما وضعت جميع من نهبوا البلاد في السلطات السابقة. وكيف نطهّر الإنهيار؟ لا بدّ من انتخابات نيابيّة لإعادة تدوير المأزق الذي نعيشه.

لكنّ الإنتخابات القادمة هي سيارات مُفخخة جاهزة للقضاء علينا، وبألوان عديدة وجديدة. الكلّ يصرّ على هذه الإنتخابات، وأنا أشعر بأنّ الدياسبورا أو المغتربين أو المنتشرين أو المشحّرين في الخارج يرجوننا أن نمارس «حقنا الديموقراطي» بالإنتخاب ضد الطبقة الحاكمة.

طيب وماذا نفعل نحن الذين لا نؤمن بالتغيير عبر الديموقراطية؟ ولا نؤمن بالتنمّر أيضاً. 
وماذا نفعل أيضاً بالذين سيعطّلون الإنتخابات بالسلاح؟ 
وماذا سنفعل بالجالية المسيّسة من سيدني إلى ميشيغان إلى أفريقيا وبرلين وباريس؟ 
وماذا سنفعل بكل تلك الأصوات إن كان سيكون على رأسها نبيه برّي؟ 
للمرّة السادسة؟


التنمّر الديموقراطي

يا ويلاه، أصبحت أخاف من فتح هاتفي لاستقبال رسائل تهديد من أصدقائي الديموقراطيين.

قم وانتفض عليهم بصوتك، حتى لو بورقة بيضاء، ولك لا تصوّت بس سجّل، زيد رقم.

أخاف من تلك الإنتخابات 

أخاف من تأثير جديد لبهاء الحريري في مواجهة سعد الحريري، ومن إمكانية أن ينجحا كخصمين بالوصول إلى مبتغاهما كأفراد تحت ستار الديموقراطية.

أخاف أيضاً من تعطيل «عونيّ جديد» كما تعطّل البلد لسنوات بحثاً عن «بيّ الكل» الذي كان موجوداً ينتظر بركة جعجع الذي أهداه ستّ سنوات ليسرح ويمرح بنا متأمّلاً أن نقتنع أنّ جعجع «أشطف بزوم» من عون. 

أخاف أيضاً من صلاة البابا على لبنان، والبطريرك الراعي هو ممثّل الله بين أروقة الطبقة الحاكمة اللبنانية. أخاف من بركة الله قربهم، فلو كان بإمكانهم نهب الله لفعلوها.

أي حاجة… أخاف من هؤلاء الذين يريدون أي بديل. أخاف منهم أكثر من الطبقة الحاكمة. أخاف من 240 ألف صوت إضافي على لوائح شطب وجودنا من هذه البلاد. أخاف أن تخلع هذه الانتخابات، إن جرت، من تبقّى هنا. أخاف أنّها ستقتلع هؤلاء الذين تمسّكوا بزفت بيروت وقلقها رغم كل شيء. 

لا أعتقد أننا نحتاج لعملية ديموقراطية إضافية لنُثبت للأجيال القادمة بأنّ عليها أن تبدأ بالبحث عن مستقبلها في الخارج… أعتقد أن الأفضل أن نعود إلى الإتصال بهم عبر مكبرات الصوت… فهذا النوع من الإزعاج مجدٍ أكثر من إزعاجي بهدف تحفيزي على الإنتخاب. لا، لن أنتخب لا بالداخل ولا من الخارج.

(أهدي المقال للزميل والصديق سمير سكيني الذي أعتقد أنه يتفق معي على أن الإنتخابات ليست أداة للتغيير أو الإصلاح. لكنه يعتقد أيضاً أنني سوداويّ ونكد و«ورقة نعوة» بشكل فائض. وهذا موضوع لا أتقبّله شخصياً رغم شعبيّته).

سلسلة

مختبر الثورة

يقترح هذا الملف مساحة مفتوحة لطرح اقتراحات تخصّ مسار الثورة، بعضها سجالي أو خارج الحدث، وبعضها الآخر عملي. يدعو هذا الملف كتّاباً وكاتبات للمساهمة باقتراح في السياسة، بمفهومها العريض، ليصبح نقطة سجال أو نقاش أو بحث، تنشر مرة كل أسبوع. وتطمح هذ المساحة أن تشكّل مساهمة بسيطة بعملية التفكير الجماعية التي تُعرَف بالثورة، كمحاولة لتأمين بعض الاستمرارية لهذا المختبر الذي لم يتوقّف عن مفاجأتنا.

هذه الدقائق القليلة | تحليل
نحو قطب لاطائفيّ | تحليل
إعادة الاعتبار لشعار «كلّن يعني كلّن» | تحليل
نظرة ثوريّة للانتخابات النيابيّة | تحليل
بدنا نسترجع الوقت المنهوب | تحليل
النوادي العلمانيّة والهيمنة المضادّة | تعليق
ديالكتيك «كلّن يعني كلّن» | تحليل
عن خوض المعارضة للعمل البرلماني | تحليل
إعادة تسييس السياسة وتكنوقراطويّة السلطة | تحليل
التمويل كعمل تشاركيّ | تعليق
الاقتراح كفعلٍ سياسي | فكرة

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
فيدان والشرع عن قسد: لا مكان للسلاح خارج الدولة
تخطيط قيمة حياة فتاة عشرينيّة مقيمة في بدارو
وزير الدفاع الإسرائيلي يزور جنود الاحتلال في جنوب لبنان
وليد جنبلاط في سوريا
جيش الاحتلال يحاصر مستشفى كمال عدوان ويهدّد بإخلائه
الاحتلال يجرف بساتين الليمون في الناقورة